قررت التضحية بنومي صباحاً في عطلة نهاية الأسبوع لكي أقيِّم البرمجة التلفزية في القنوات المغربية، لكنني ركزت على القناة الثانية بحكم أنها الأكثر متابعة خلال شهر رمضان، دون نسيان القناة الأولى التي تأتي في المرتبة الثانية خصوصاً في وقت الذروة (وقت الإفطار).
تبدأ البرمجة على القناة الثانية على شكل إعادة للمسلسلات المغربية واحداً تلو الآخر، مع العلم أن كل هذه المسلسلات يمكن للجميع إيجادها على اليوتيوب إن إرادوا إعادة مشاهدتها. يتعلق الأمر بمسلسل « سر المرجان » و »الحسين والصافية » ثم « المقطوع من شجرة » وغيرها من المسلسلات الأخرى.
إليكـِ
بعد الظهيرة يحين وقت إعادة برامج الطبخ والصحة والدين وغيرها، إلى أن تتم العودة إلى إعادة مسلسل « حديدان » لتطلق القناة الثانية العنان إلى عرض المسلسلات المدبلجة التي كانت تمثل جزءاً صغيراً من البرمجة قبل سنوات قليلة لكي تصبح من أكثر المسلسلات حصولاً على أعلى نسب المشاهدة.
يصل وقت الذروة بعد إعادة البرامج لمدة تزيد عن 12 ساعة مملوءة بالأخبار والمسلسلات والبرامج القديمة، والجديد–القديم. هذه السنة لا تختلف المواضيع المتناولة بشكل كبير عن السنوات الماضية، هناك فقط تغيير في العناوين مع الإحتفاظ بنفس المضمون.
الكاميرا الخفية التي تُنتقد كل سنة بسبب ميوعتها وعدم مصداقيتها، عادت إلينا هذه السنة من خلال « مشيتي فيها » بمخرجها الذي لا يعلم بأن بعض الممثلين فيها قد سبق وأطاحوا بنجوم في السنة الفارطة ومن الممكن أن يتعرف « النجم الضحية » بسرعة على المقلب. لكن وكاجتهاد منقطع النظير مع أخذ أفكار النجم المصري رامز جلال الذي يعود كل سنة بفكرة جديدة تعتبر من أعظم الإنتاجات في السنة، قام رشيد العلالي صاحب « كاميرا شو » بإعادة تدوير فكرة قناع رامز، غير أن قناع رشيد يُظهر ملامحه بالكامل ولا يمكن لأحد أن تنطلي عليه فكرة أن ذلك الماكياج يخفيه أو يجعله متنكراً، ثم إنه لا يبدل جهداً ولو صغير لتغيير صوته.
بجهد أقل، حاول مراد العشابي نجم رمضان السابق في برنامج لا علاقة الذي نجح بشكل كبير، تجربة حظه عبر برنامج « الكاميرا الخفية » على قناة الأولى الذي يُخفي فيه نفسه بنظارات طبية فقط. لا أعلم لماذا لا يتعرف الناس على مراد العشابي أو رشيد العلالي، على الأقل هذا هو السؤال الذي يتبادر إلى ذهني كلما شاهدت هذه البرامج، نعم لأنني مجبر على مشاهدتها بحكم أنني على مائدة الإفطار.
بالنسبة للتي من المفترض أن تكون أضخم سلسلة فكاهية، ف« حي البهجة« هو مكان يمكن أن تشاهد فيه كل شيء سوى البهجة. على الرغم من أن مراكش الحمراء هي التي توجد في الواجهة، غير أننا لم نشاهد مراكش بتاتاً من خلال هذه السلسلة. عزيز حطاب وسكينة درابيل ومحمد الخياري يعودون مرة ثانية في محاولة لإضحاكنا بمواقفهم الساذجة، لكنهم لم ينجحوا أيضاً.
« كبور والحبيب » الذي تأكدت فيه مقولة « الشيء إن زاد عن حده، انقلب إلى ضده« . فبعد نجاح باهر لسلسلة الكوبل في جزأيها الأول والثاني، وأيضاً سلسلة كبور والحبيب في جزئها الأول، حسن الفذ لا يريد أن ينسلخ من جلده البدوي في السنوات الأخيرة. الفنان محمد الخلفي يوافقني الرأي على أن شخصية كبور طغت على أعماله ولم يعد يجد مخرجاً. أتمنى أن يجد هوية أخرى في السنوات القادمة.
نعود للقناة الأولى من جديد من خلال سلسلة « الدرب » التي تشبه نوعاً ما سلسلة « ولاد علي » في القناة الثانية. حضور لافت لأعضاء مجموعة إيموراجي هنا وهناك مع إقحام بعض العناصر الأخرى. لن أتكلم عن احتكار كل القنوات وعدم استفادة فنانين آخرين، مشكلتي تكمن في الرداءة التي طغت على هذه الأعمال وطريقة الآداء بطريقة سوقية و« تعواج الفم » و« التخنزير« ، كما لو أن المجتمع المغربي لا يحتوي سوى على هذه الفئة. بالنسبة لسلسلة « الدرب » فإنها تعالج موضوعاً مستهلكاً وهو « السيبير » أو مقهى الأنترنيت، وسلسلة « ولاد علي » الإجرام والسجن كما لو أن المغاربة لا يستحقون سوى مشاهدة هذه المناظر أثناء تناول وجبة الإفطار.
أبرز ما أثار انتباهي هو أقصر سلسلة وهي « سوحليفة« ، بطولة يسار وابنة أخته إسراء، ومن إنتاج نبيل عيوش. هذه السلسة تمثل خطراً على الأطفال الذين يشاهدونها وذلك بسبب طريقة كلام « إسراء » السوقية والأكبر من سنها بكثير، كما أن هذه السلسة هي أيضاً عبارة عن استظهار لأجزاء من سكيتشات يسار السابقة.
شخصياً، وجدت البديل في الأعمال المصرية التي ترفع التحدي كل سنة من خلال المسلسلات بإنتاجات عظيمة، سواء من حيث الكتابة أو التصوير أو التشخيص، فأنت تحس بالمجهودات الكبيرة المبذولة لصنعها.
