-هذا المقال هو مقال رأي، وكل ما سيكتب فيه هو تعبير عن الرأي الشخصي لكاتبه ولا صلة له بتوجه الموقع وهو ما يفسر استخدام ضمير المتكلم به–
في رمضان كل سنة تعود إلى الواجهة مشكلة تتكرر بشكل سنوي منذ مدة ليست بالقصيرة، مشكلة الإفطار العلني في هذا الشهر المبارك، واختلاف الحكم فيه بين قانون الدولة والشريعة.
قبل كل شيء، لنعرف بالمشكل إن صح التعبير عنه بهذه الطريقة. الفصل 222 من القانون الجنائي المغربي ينص على تجريم الإفطار العلني في رمضان لكل من عرف اعتناقه الإسلام، وكذا معاقبة »الجاني » بغرامة مالية أو عقوبة حبسية يمكن أن تصل إلى 6 أشهر.
بين الفينة والأخرى تصل إلى مسامعنا أخبار ضرب وتنكيل لشباب وشابات أفطروا علانية وهو ما يدعو للقلق. فبعيدا عن شرعية هذا الفصل أو عدم شرعيته يجب التأكيد على أن الأجهزة الأمنية التابعة للدولة هي الوحيدة المسؤولة عن تطبيق القانون بالشرعية الممنوحة لها من طرف الشعب عند تكوين هذه الدولة، لذا فكل من يعتدي على الآخر بدون حق فهو مخطئ مجرم في القانون والشريعة كذلك، هذا شيء مفروغ منه.
لمناقشة نتائج الفصل 222 يجب أن نعود إلى أصله، فتأسيسه يعود إلى تاريخ قديم، يوم كانت الدولة المغربية تحت حماية السلطات الفرنسية، وقت كان العنف منتشرا في كل مكان، والبنادق والبارود عند أي كان، فقامت سلطات الحماية بنص هذا الفصل حماية لجالياتها المقيمة في المغرب بعد تكرر حوادث اعتداء مغاربة على فرنسيين أفطروا في الأماكن العامة، فكان هذا النص حامية لهاته الجالية التي اضطرت إلى عدم المجاهرة بإفطارها لتحمي نفسها قبل كل شيء.
استمر سريان هذا القانون سنينا طويلة إلى أيامنا هذه، لكن الغريب في الأمر هو أن السبب في سن هذا القانون اختفى مع مرور الوقت، فلا بارود في الشوارع ولا فرنسيين يجاهرون بإفطارهم، إذن السؤال يطرح نفسه: ما مكان هذا النص في قانونا الحالي؟
بكلامي هذا، لا أدافع عن الحركات التحررية، فالمغرب اتفق على أن دينه الإسلام، وهذا الأخير أعطى رخصا عديدة لعديد من الناس مصابون بأمراض لا تسمح لهم بالصوم كمرض السكري، فما ذنب هؤلاء أن يمنعوا من الإفطار في شوارع بلدهم الذي ينص دستوره على أن يضمن لهم الأمن والحرية قبل كل شيء.
وإن لم تكن مسلما وكنت مسيحيا أو يهوديا، أو حتى ملحدا ولا علاقة لك بالصوم لا من قريب ولا من بعيد، فحبذا بإفطارك ألا تستفز الآخرين، فحريتك تتوقف عند حرية الآخرين كما يقولون، وهذا لا ينحصر على الصوم فقط بل على كل المطالب الأخرى بتعددها كحق تقبيل شخص آخر في الأماكن العامة و و و …
فصول من القانون كـ 222 لا مكان لها في مغرب ما بعد دستور 2011، لكن، مغرب متحرر بلا قيود لا مكان له في قلوب المغاربة، فالحشمة والحياء من خصالنا، وهما معا ليسا ضد التقدم والتطور. العري وفقدان الحياء ليسا بحضارة، واللحية والحجاب ليسا بتخلف، كلها مظاهر، وكل شعب يحق له أن يختار أن يعيش ما يريد، في حدود قانون يؤسس لدولة، قانون تسنه الأغلبية، فبدونه ليست هناك دولة، وبدون دولة نعيش في غابة. وفي الغابة لن تبحث عن التحرر بل ستجد نفسك باحثا عن حق العيش، وكم من دولة حولنا أصبحت غابة.
أتضامن مع كل ضحايا الهمجية في كل بقعة من بقاع هذا الوطن، بدءا بالشابين بزاكورة، مرورا بكل حالات العنف، وانتهاءا بالزميل طالب الطب بالرباط. دعواتنا بالشفاء العاجل ترافقكم.