يسعى المغرب بجهد كبير، خصوصاً في السنوات الأخيرة من حكم الملك محمد السادس، إلى العودة لدوره التاريخي. ذلك الدور الذي لعبه منذ بزوغ فجر الحضارات الأولى. بداية بالفنيقيين والقارطاجيين، مروراً بالامبراطورية الرومانية، ثم عديد الدول الإسلامية الحاكمة. ذلك الدور الذي فقده عند القرن 15، قرن فقد فيه المغرب الكثير، فقد فيه ميناءه الشمالي وميدنته الاقتصادية الأولى سبتة، فقد فيه الأندلس للأبد بسقوط غرناطة، فقد فيه جنوبه التاريخي وليس الحدودي الحالي بسبب التوسع الإسباني البرتغالي، والأهم أصبح العالم منذ ذلك الحين شرقاً وغرباً مع اكتشاف أمريكا الشمالية بعد أن كان شمالاً وجنوباً.
بعد 5 قرون و10 سنوات، يسعى المغرب إلى استعادة ذلك الدور الذي كان يحتكره، تلك القنطرة، قنطرة العبور بين الشمال والجنوب، الدور الذي كان سبباً في غنائه، ومع فقدانه أصبح أول مسمار يدق في كفن مماته.
كيف يريد المغرب استرجاعه؟ هذا ما سنتحدث عنه في قادم السطور:
1. فقدنا سبتة نعم، لكننا ما نزال نملك طنجة
وما ميناء طنجة المتوسطي ودوره الكبير في التجارة العالمية إلا دليل على أن أسباب التفوق الاقتصادي تظل قائمة رغم تغير الأزمان.

jeuneafrique.com
2. فقدنا سجلماسة نعم، لكن الجنوب ما زال هو الأصل
يحاول المغرب النهوض بمناطق الجنوب بعد أن ركدت ركوداً يقارب الوفاة تحت الاحتلال الإسباني، وهي المناطق التي مثلت دائماً محجاً لقوافل الذهب قبل سقوط سجلماسة.

saharanow.com
3. الخليفة في الشرق وأمير المؤمنين في الغرب
لطالما كان الأشخاص مضطرين لاحترام الحدود المرسومة بين البلدان، لكن الأقكار حرة طليقة لا تعرف شرطة حدود. وهذا ما يحاول أن يقوم به المغرب بنشر فكر إسلامي معتدل في الدول الإفريقية عن طريق تكوين الأئمة في المدارس المغربية، وجعل الملك السلطة الدينية الأعلى، وإرجاع دور أمير المؤمنين المميز لملوك المغرب في العصر الوسيط.

leseco.ma
4. شباب، وصناعة، وحياد
يحاول المغرب تدارك ما فاته واللحاق بقطار البشرية بعد أن غادر ركبه كباقي الدول العربية في القرن الخامس عشر. ولكي يفعل ذلك، يحتاج إلى خطى سريعة يقدر الشباب فقط على القيام بها، وهو ما نراه واضحاً في الهرم الديموغرافي المغربي. شباب ذو تكوين يزداد جودة يوماً بعد يوم، متجه أولاً وقبل كل شيء إلى الاقتصاد الصناعي، اقتصاد دعمه حياد المغرب الخارجي (باستثناء الأزمة اليمنية) واستقراره الأمني.

s1.lprs1.fr
5. المستقبل
يرمو المغرب إلى تحويل نفسه من بلد تقليدي إلى منصة اقتصادية تربط بين الجنوب والشمال في عودة إلى دور تاريخي لطالما أتقنه، لكن يحاول أن يضيف إليه رابطاً آخر بين المشرق والمغرب، وهو الدور الذي تفرضه عليه التحولات الاقتصادية العالمية. شيء نراه واضحاً في انفتاحه الكبير على القارة الإفريقية، وتنويع حلفائه الاقتصاديين بفتح أبوابه لبلدان كالصين وروسيا التي لطالما كانت غائبة عن المشهد المغربي.

kech24.com