وجهة نظر : المواطن يقول ‘الطبيب ولد الحرام’

من طرف

أتحدث إليكم بصفتي طالب طب ومواطن، بعضكم وبمجرد قراءته هذه الكلمات سوف يبدأ بالتساؤل: لماذا هذه السكيزوفرينيا ؟

هذه السكيزوفرينيا المعقدة هي السبيل الوحيد للإجابة على سؤال أكثر تعقيدا: ‘‘هل الطبيب هو المسؤول عن حال قطاع الصحة في بلدنا؟ ‘‘

(قبل الدخول في صلب الموضوع أريد أن أوضح أن كل ما سوف أكتب في هذا المقال لا يقبل التعميم، هذه ظواهر نعيشها في مستشفياتنا العمومية يوميا لكن حالات الاستثناء موجودة إن كانت للأفضل أو للأسوأ.)

في رتابة حياتنا اليومية، كل شخص يريد أن يتوجه إلى مركز صحي كيفما كان، مستشفى جامعي، إقليمي أو حتى مستوصف لعلاج مرض ألم به، يردد نفس الجملة: ‘‘أنمشي نشوف الطبيب‘‘، المشكل أنه لا يكتفي فقط بترديدها بل يؤمن بمعناها.

المريض يلخص كل قطاع الصحة في شخص الطبيب المعالج له. بالطبع لا أحد ينكر دوره الرئيسي في علاجه، لكنه ليس الوحيد، فعلاج أي مريض خصوصا في المستشفيات المغربية يبدأ من عند حارس الأمن المتواجد في مدخل المستشفى (إن كان هناك حارس أمن أصلا) مرورا بالمرافق، إلى الموظف المكلف بالتسجيل… لكي يجد نفسه أخيرا عند باب واحدة من غرفتي العلاج بالمستعجلات، غرفتين يجب عليهما علاج كل من أتى من ساكنة الوطن بصفة عامة وساكنة فاس، مكناس، الراشيدية، إفران، تازة… واللائحة تطول بصفة خاصة (أتحدث هنا عن المستشفى الجامعي بفاس) دون الحديث عن بعد المستشفى وصعوبة الوصول إليه.

كل هذه الظروف وأكثر تجتمع لتنتج لنا مواطنا مريضا، منفعلا، لا يفهم لماذا عليه أن ينتظر أكثر عند غرف العلاج وهو من قضى ساعات للوصول إلى هذا المكان؟ فقلة وسائل النقل وانعدام التجهيزات وصعوبة الوصول للعلاج كلها أجزاء تتجمع في عقل المواطن لتكون العلة واحدة ألا وهي الطبيب.

لنتحدث الآن عن الطبيب، لن أتحدث عن كل الأطباء فهم مختلفون باختلاف أعمارهم ومراحل تحصيلهم العلمي. سنخص في حديثنا هذا الأطباء الداخليين (هم أطباء المستعجلات سواء في المستشفيات الجامعية أو الفرعية)، هذا الطبيب الداخلي ذو 23 ربيعا الذي رمي به في دواليب المستعجلات ليستقبل كما هائلا من المرضى لا يمكن لبشر تخيله، وبساعات عمل طوال تصل إلى 48 ساعة متتالية في بعض الأحيان مع نقص كبير وحاد في التجهيزات، دون الحديث عن كل مشاكل العمل الأخرى، يضطر لاستقبال مريض يرى في كل مشاكله الحالية سببا واحدا ويعتبر نفسه المريض الوحيد في المكان على عكس الطبيب الذي يجد نفسه مضطرا لعلاج عشرات الآخرين. فالكل للأول هو نفسه، والكل للثاني هو عموم المرضى، وواحد منهم لا يشكل إلا جزءا من المجموعة وهنا يكمن المشكل. فتتحول علاقة الثقة بين الطبيب والمريض إلى علاقة عداء. فلا هذا ذنبه النقص الحاد في التجهيزات والمؤهلات البشرية والبنيات التحتية، والآخر هو ضحية مجتمع باع له وهم الحق في الصحة والتطبيب المجاني في بلد تطول فيه مواعيد الفحوص بالأشعة لشهور وسنوات.

إن بحثنا في الأمر أكثر لن نجد أبدا العلة الرئيسية للمشكل وكل سبب سوف يصبح نتاج ما قبله وسنجد نفسنا في دائرة غير منتهية، كل سبب يعطي نتيجة وكل نتيجة هي سبب لمشكل جديد لتطول اللعبة. لكن الخطير في هذه اللعبة أنها لعبة أرواح، فأرواح تزهق وأناس تموت يوميا لأسباب بسيطة.

فما هو الحل؟ سؤال لا أستطيع الإجابة عنه…

إنسان قبل كل شيء، رأيت نور الحياة لأول مرة فوق رمال السعودية الحارقة ثم حططت الرحال بالمغرب، طالب طب في صباحي، باحث عن أدب وسياسة وتاريخ في مسائي، عجمي اللسان، عربي الريشة، قلمي من إنسان لإنسان من أجل حياة كريمة لكل إنسان.

مقالات لكل زمان

نساء قرية بريكشة: يصنعن ذهباً أبيضاً .. ويجنين الشقاء الأصعب

12 كلمة وعبارة لن يفهمها سوى أهل فاس

أهم 10 أمور عليك معرفتها عن المرحلة الجامعية

10 أشياء تميز برنامج سمير الليل عن باقي البرامج الإذاعية

صور: هكذا تبدو الكعبة المشرفة من الداخل

5 أطباق سهلة التحضير لطلاب الجامعة والتي لا يتعدى ثمنها 20 درهما

لديك شهادة جامعية وتفشل في كل مقابلاتك من أجل الحصول على عمل بسبب خجلك، إليك ما سيخرجك من قوقعة ”الحشمة”

10 أشياء ستبهرك إذا ما سافرت إلى الريف

بعد حبوب الإكستا، هذا ما قد يفعله بك مخدر 'المعجون'

الجيل الذهبي: جيل التسعينات